فاطمة (عليها السلام) في القرآن :
لقد كان لفاطمة وزوجها وابنيها (عليهم السلام) مقام عالٍ عند الله ورسوله، وقد شهد لهم القرآن بالطهارة وسموّ المقام ، ففيهم نزلت آيات التطهير والمباهلة والمودّة وسورة هل أتى وغيرها الكثير من آي الذكر الحكيم، فهي (عليها السلام) أبرز مصداق لـ« الصالحين » في القرآن، كما روى ذلك أنس، قال : صلّى بنا رسول الله (...صلى الله عليه وآله) في بعض الأيام صلاة الفجر، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت له : يارسول الله أرأيت أن تفسّر لنا قوله تعالى : ( فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا ) النساء: 69 فقال (صلى الله عليه وآله) : أمّا النبيّون فأنا، وأمّا الصدّيقون فأخي عليّ (عليه السلام)، وأمّا الشهداء، فعمّي حمزة، وأما الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين (عليهما السلام) .
وما من آية نزلت في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) أو فسّرت بهم إلاّ وهي (عليها السلام) من أبرز مصاديقها .
عبادة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وكثرة دعائها :
كانت فاطمة (عليها السلام) ـ كبقية أهل البيت (عليهم السلام) ـ عابدة زاهدة، قد اتّخذت لها محراباً في بيتها تصلّي فيه، وكانت تكثر من الصلاة والعبادة والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
روي عن إمامنا الحسن بن علي (عليه السلام) أنّه قال : رأيت أُمي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها ، فلم تزل راكعة ساجدة حتّى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها : يا اُمّاه لم لا تدعين لنفسك ، كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يابنيّ الجار ثمّ الدار .
وفي رواية : « كانت فاطمة (عليها السلام) تنهج في الصلاة من خيفة الله تعالى » . و « النهج » بالتحريك بمعنى البهر، وتتابع النفس .
وقال الحسن البصري : ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة (عليها السلام) ، كانت تقوم حتّى تورّم قدماها .
وروي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل : أمّا ابنتي فاطمة (عليها السلام) فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين... متى قامت في محرابها بين يدي ربّها زهر نورها لملائكة السماء كما يزهو نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله عزّ وجلّ لملائكته :
يا ملائكتي! اُنظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، اُشهدكم إنّي قد أمنت شيعتها من النار .
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين