زهد فاطمة الزهراء ( عليها السلام )
قال جابر بن عبد الله الأنصاري : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريد فاطمة (عليها السلام) وأنا معه، فلمّا انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ، ثمّ قال : السلام عليكم .
فقالت فاطمة (عليها السلام) : عليك السلام يارسول الله قال : أأدخل ؟ قالت : ادخل يارسول الله، قال : أدخل أنا ومَن معي ؟ فقالت : يا ...رسول الله ليس عليّ قِناع .
فقال : يافاطمة خذي فضل ملحفتك فقنّعي به رأسك ففعلتْ .
ثمّ قال : السلام عليكم فقالت : وعليك السلام يارسول الله قال : أأدخل .
قالت : نعم، ادخل يارسول الله قال : أنا ومن معي ؟ قالت: أنت ومن معك .
قال جابر : فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودخلت أنا، وإذا وجه فاطمة أصفر كأنّه بطن جرادة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : مالي أرى وجهك أصفر ؟ قالت : يارسول الله الجوع . فقال (صلى الله عليه وآله) : اللهمَّ مشبع الجوعة ورافع الضيّعة اشبع فاطمة بنت محمد فقال جابر : فوالله فنظرت إلى الدم يتحدر من مصاصها حتى عاد وجهها أحمر، فما جاعت بعد ذلك اليوم .
نعم، هكذا كانت الزهراء (عليها السلام)، وكيف لا تتصف بالزهد وهي ابنة خير الزاهدين، وزوج مَن خاطب الدنيا قائلاً : « طلقتك ثلاثاً » ، فهي نشأت وتربّت في بيت يسوده الزهد والحياة البسيطة، وانتقلت بعد زواجها إلى بيت ساده الزهد والقناعة ، فحياتها الاجتماعيّة تتطلب منها أن تكون زاهدة ، إذ هي أولى الناس بالسير على منهاج أبيها (صلى الله عليه وآله) وبعلها (عليه السلام) .
روي عن أسماء بنت عميس أنّها قالت : كنت عند فاطمة (عليها السلام) إذ دخل عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) من فيء .
فقال لها رسول الله : يا فاطمة لا يقول الناس إنّ فاطمة بنت محمّد تلبس لباس الجبابرة . فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة، فأعتقتها ، فسرّ بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
أيّ شيء خير للنساء ؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ العَفاف زينة المرأة ، ويصعب تحقّقه مع اختلاطها بالأجانب، ولذلك حرص الشارع المقدّس على تضييق دائرة الإختلاط إلاّ في المجالات الضرورية. وهذا ما دأبت عليه سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) .
روي عن أنس أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما خير للنساء ؟ فلم نَدر ما نقول فسار عليّ (عليه السلام) إلى فاطمة (عليها السلام) فأخبرها بذلك فقالت : فهلاّ قلت : خير لهنّ أن لايرين الرجال ولا يرونهنّ فرجع فأخبره بذلك .
فقال له : من علّمك هذا ؟ قال : فاطمة (عليها السلام)، قال : إنّها بضعة منّي .
وجاء عن مولانا الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال عليّ (عليه السلام) : « استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها : لمَ حجبتيه وهو لايراك ؟ فقالت (عليها السلام) : إن لم يكن يراني فإنّي اراه، وهو يشمّ الريح .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أشهد أنّك بضعة منّي »
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين